غزة: خطة إسرائيلية لتحقيق نقلة اقتصادية نوعية مقابل هدنة طويلة الأمد | سمارت إندكس

أخبار

أخبار اقتصادية

غزة: خطة إسرائيلية لتحقيق نقلة اقتصادية نوعية مقابل هدنة طويلة الأمد



رام الله - سمارت إندكس

تتواصل الجهود الدولية لإحداث اختراق في التوصل لتهدئة طويلة الأمد بين غزة والجانب الإسرائيلي، حيث قدم وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد مقترحاً يقضي بتقديم خطط اقتصادية لقطاع غزة ورفع الحصار المفروض منذ 15 عاماً، تحقق نقلة اقتصادية نوعية في القطاع مقابل استعادة الأمن، كما أن الخطة المطروحة تهدف إلى عدم تطوير سلاح الفصائل الفلسطينية وعلى رأسها حركة حماس، لضمان استقرار الوضع الأمني في إسرائيل، وتحقيق هدوء طويل الأمد مقابل الكثير من التسهيلات الاقتصادية التي ستقوم تل أبيب بتوفيرها.
وتجتمع عدة عوامل أدت إلى تسريع الحراك الذي تقوده أطراف عدة للوصول إلى إنهاء الأزمات التي تسببها غزة للاحتلال، ومن تلك العوامل التهديد بتصعيد أدوات المقاومة الشعبية التي تربك مستوطنات غلاف غزة، والعامل الآخر يأتي برؤية إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن الشاملة لمنطقة الشرق الأوسط القائمة على تهدئة الجبهات المشتعلة.
وتقوم خطة لبيد على تطبيق استراتيجية على مرحلتين، الأولى تضمن إصلاح نظام الكهرباء وتوصيل الغاز وبناء خطة لتحلية المياه وإدخال تحسينات كبيرة على الصحة، إلى جانب إعادة بناء البنية التحتية للمباني والنقل مع بقاء ذلك تحت سيطرة إسرائيل، إضافة إلى فتح المعابر المرتبطة مع إسرائيل ومصر، ودراسة إمكانية فتح منافذ تجارية جديدة مع غزة.
وعلق رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية على خطة الاقتصاد مقابل الأمن في غزة، موضحاً أن المشكلة الأساسية في قطاع غزة سياسية وقائمة في جميع مناطق الأراضي الفلسطينية، والمطلوب إيجاد مسار سياسي جدي وحقيقي مستند إلى الشرعية والقانون الدولي، ينهي الاحتلال ويرفع الحصار عن غزة ويوقف العدوان عن جميع الأراضي الفلسطينية، وهكذا تصبح إعادة الإعمار ممكنة ودائمة.
وقالت حركة حماس، إن الحلول الأمنية والاقتصادية المطروحة لا تنهي الاحتلال ولا تعزز الاستقرار، ومرفوضة ولا يمكن مقايضة الأمن بالغذاء والدواء، كما أننا لن نتخلى عن مقاومتنا المشروعة ما دام الاحتلال موجود.
وحذر مراقبون اقتصاديون من محاولات سلطات الاحتلال الإسرائيلي استغلال الفجوة الاقتصادية التي يعانيها قطاع غزة، في فرض إملاءات ووقائع سياسية وأمنية، في حين توحي الأطروحات الإسرائيلية في هذا الصدد للوهلة الأولى بأنها تسهيلات اقتصادية هامة، غير أنها على المدى المتوسط والبعيد، لن تصنع اقتصاداً قوياً وهي ثمن للصمت عن الحقوق الوطنية المشروعة.
وتباينت أراء المختصين بالشأن الاقتصادي حول مدى جدية إسرائيل في إحداث اختراق للواقع المتأزم، وتحقيق نقلة ورفاهية اقتصادية نوعية للقطاع، في المقابل لم يبد مختصون تفاؤلهم في إحداث أي تقدم في المساعي الإسرائيلية المطروحة لتقديم تسهيلات اقتصادية لغزة، وذلك بسبب مواصلتها فرض الحصار وعدم وجود أي نوايا إيجابية لأطروحاتها.
وقال المختص في الشأن الاقتصادي سمير حمتو، إن الحديث الذي يدور من قبل قادة إسرائيل عن تسهيلات اقتصادية نوعية لغزة، هو فقاعات إعلامية لا أكثر، فهذه المخططات والأطروحات تحدثت عنها حكومة نتنياهو طوال السنين الماضية من دون جدوى، فإسرائيل لا تسمح على الإطلاق بتحرر الاقتصاد في غزة من التبعية لها.
وقال حمتو لـ»القدس العربي»: «إن خطة إسرائيل هي محاولة لامتصاص الغضب الشعبي الفلسطيني، عقب إعادة اعتقال أربعة أسرى حرروا أنفسهم من سجن جلبوع واستمرار أعمال الاحتلال بمطاردة اثنين آخرين» مشيراً إلى أن الاحتلال يدرك أن غزة لن تصمت إزاء ما تتعرض له الضفة الغربية والقدس المحتلة والأسرى داخل السجون.
وأشار إلى أن الاشتراطات للموافقة على هذه الخطة تعني أن تطبيقها يحتاج إلى سنوات طويلة، فهذه الخطة غير قابلة للتطبيق في ظل رغبة إسرائيل في أن يتنازل الجانب الفلسطيني عن حقوقه، كما أن الفصائل الفلسطينية سترفض بالإجماع الخطة، لأن الصراع القائم هو سياسي وليس اقتصاديا.
وبين المختص في الشأن الاقتصادي أن الخطة في حال تم الاتفاق على تطبيقها، ستصطدم باعتراضات كبيرة داخل الأحزاب الإسرائيلية، خاصة في ظل وجود عناصر يمينية متطرفة ترفض مبدأ التفاهم مع حماس، كما أن اشتراط إسرائيل تولي السلطة الفلسطينية زمام الأمور، أمر في غاية الصعوبة مع استمرار حالة الانقسام الفلسطيني، وفشل محاولات التوصل للمصالحة بين حماس وفتح.
وفي محاولة منها لاحتواء محاولات للتصعيد الشعبي والعسكري في غزة، تقدم إسرائيل تسهيلات محدودة إلى غزة ومن أبرزها السماح للعمال بالدخول إلى إسرائيل، كما أنها تعمل على إدخال بعض السلع والبضائع الممنوعة، وتسمح بتنفيذ مشاريع اقتصادية محدودة، لكن جميع هذه التسهيلات المؤقتة تهدد بتصاعد أعمال العنف، نظراً لعدم إحداثها أي تقدم في الواقع الاقتصادي.
في سياق ذلك قال المختص في الشأن الاقتصادي ماهر الطباع إن الواقع الاقتصادي المتهالك في القطاع منذ سنوات الحصار الطويلة، يعتبر أحد أسباب زعزعة الأمن والاستقرار سواء على صعيد غزة أو إسرائيل، لذلك فإن الخطة المطروحة من قبل الجانب الإسرائيلي ممكنة ويمكن تطبيقها، نظراً لرغبة حماس في إنهاء حصار غزة وتحسين الأوضاع المعيشية للسكان.
وقال الطباع لـ»القدس العربي»: إن هناك مؤشرات تقوم بها إسرائيل مقاربة للإستراتيجية التي يتم طرحها، حيث شهد قطاع غزة إشارات إيجابية لقرب انطلاق عملية إعادة الإعمار، بعدما سمحت إسرائيل بإدخال الحديد والأسمنت والمعدات الأخرى، والإعلان عن بدء الإعمار مطلع تشرين الأول/أكتوبر المقبل».
وأشار إلى أن القادة السياسيين والعسكريين في إسرائيل، باتوا على قناعة بعد عدة سنوات بأن سياستهم تجاه قطاع غزة لم تكن مجدية، ولم تنجح في تقويض قدرات المقاومة أو تحقيق الهدوء في المستوطنات، فإسرائيل لديها ملفات أهم من غزة تنوى التفرغ لها، ومن أهمامها رغبتها في التركيز على الجبهة الشمالية ومواجهة التهديد النووي الإيراني.
وتابع: إسرائيل وبعد سنوات الحصار الطويلة والحروب المتتالية على غزة، لم تحرز نصراً حاسماً يضمن لمستوطنيها الهدوء ولم تضعف المقاومة، لذلك أدركت أنها لا تستطيع أن تغير واقع غزة بالقوة العسكرية أو إحراز تقدم يؤمن لها استقرارا أمنيا، ما دفعها للذهاب إلى مبدأ الاقتصاد مقابل الأمن كمخرج وحيد لاحتواء حالة العنف من قبل الفصائل في غزة.

 

المصدر/ القدس العربي - اسماعيل عبدالهادي

 

الأوسمة

نسخ الرابط:

error: المحتوى محمي , لفتح الرابط في تاب جديد الرجاء الضغط عليه مع زر CTRL أو COMMAND