غزة - سمارت إندكس

ألقت الأوضاع الاقتصادية والمعيشية المتردية التي يعاني منها المواطنون في قطاع غزة، بفعل الحصار الممتد منذ أكثر من 15 سنة على القطاع، بظلالها على القدرة الشرائية للمواطنين، سيّما قُبيل حلول عيد الأضحى المبارك.

 

ويُرجع اقتصاديون وباعة ومستهلكون حالة الركود هذه إلى الحصار المفروض من قبل الاحتلال "الإسرائيلي" على القطاع، والذي كان سبباً رئيساً في تدهور وتدمير الأوضاع الاقتصادية للغزيين، بل وسحق شرائح واسعة منهم، ما جعل نحو 50% من سكان القطاع يعتمدون على المساعدات الإنسانية التي تقدمها المؤسسات المعنية من بينها "اونروا".

 

سكون يخيم على الأسواق

 

أمام إحدى بسطات سوق الشجاعية لبيع الملابس شرق مدينة غزة، يقف البائع أحمد طافش "متفرجاً" وسط غياب واضح للمتسوقين، محاولاً استقطاب المارة لتأمل ما يعرضه من بضائع، علّه يتمكن من تسويق شيء منها، خاصة مع تسارع الأيام قبيل حلول عيد الأضحى المبارك.

 

ويصف البائع طافش في حديثه لـ "لاستقلال"، حالة السوق بـ "النائمة" مشيراً إلى أنه وزملاءه من الباعة كانوا ينتظرون بفارغ الصبر هذا الموسم علّهم يعوضون ما فاتهم من مواسم خلال العام.

 

وبيّن أن حالة الركود دفعته وغيره من الباعة إلى القيام بحملات تخفيض وخصومات على أسعار الملابس، تشجيعاً للمتسوقين على الشراء، ولكن دون جدوى.

 

ضعف القدرة الشرائية

 

أما المواطن رياض جبريل (44 عاماً)، أكد أنه قرر الامتناع عن شراء ملابس العيد لأبنائه السبعة نظراً لسوء أوضاعه الاقتصادية، وتوقف صرف مستحقات الشؤون الاجتماعية التي يعيل أسرته منها.

 

ويشير جبريل إلى أنه على الرغم من أهمية شراء ملابس العيد للأبناء، لاسيما الأطفال منهم؛ لما تدخله من فرحة على قلوبهم، إلا أن الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها جعل ذلك أموراً ثانوية لمعظم أولياء الأمور الذين بالكاد يستطيعون توفير الاحتياجات الأساسية لأسرهم.

 

ويقول جبريل بأنه أوصى أبناءه بالحفاظ على ملابس عيد الفطر لارتدائها خلال عيد الأضحى المبارك، في محاولة منه لتوفير بعض من المصاريف التي تقع على كاهله.

 

وحال المواطن جبريل كحال الكثيرين من العائلات الغزية التي امتنعت عن شراء ملابس العيد نظراً لتدهور الأوضاع الاقتصادية وانعدام قدرتهم الشرائية في ظل الحصار، وانعدام فرص العمل، وتدني الرواتب، والغلاء الذي طرأ على العديد من السلع الأساسية.

 

اقتصاد منهار

 

مدير العلاقات العامة والإعلام في غرفة تجارة صناعة غزة ماهر الطباع، وصف الواقع الاقتصادي في قطاع غزة بـ"المنهار" نتيجة استمرار الحصار "الإسرائيلي" المفروض على القطاع، ما ساهم في ارتفاع البطالة، ومعدلات الفقر وانخفاض السيولة النقدية، إلى جانب الارتفاع في أسعار العديد من السلع الأساسية.

 

وأضاف الطباع في حديثه لـ "الاستقلال" إلى أن تدهور الأوضاع الاقتصادية انعكست سلباً وبشكل كبير على التجار والمواطنين على حد سواء، حيث تشهد الأسواق الغزية حالة من الركود وشبه انعدام للحركة الشرائية، رغم اقتراب حلول عيد الأضحى المبارك.

 

وأوضح الطباع أن الأزمات العالمية فاقمت كذلك من تدهور الأوضاع الاقتصادية بالقطاع، كأزمة كورونا خلال العاميين الماضيين، بالإضافة إلى تداعيات الحرب الروسية – الأوكرانية.

 

وضع كارثي

 

وفي هذا السياق، أكد تقرير صادر عن إحدى منظمات الأمم المتحدة العاملة في الأراضي الفلسطينية أن كيان الاحتلال الإسرائيلي تسبب بأوضاع إنسانية متردية بسبب الحصار المشدد المفروض ضد قطاع غزة منذ 15 عامًا.

 

وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق المساعدات الانسانية “أوتشا”، في تقرير جديد له نشر الجمعة: إن "الحصار يثير القلق إزاء العقوبات الجماعية وانتهاكات محتملة أخرى بموجب القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان"، مطالبا برفع الحصار عن غزة بالكامل وفقًا لقرار مجلس الأمن 1860.

 

وأشار التقرير إلى أن نحو 2.1 مليون فلسطيني في قطاع غزة محاصرين، وأنه بموجب إجراءات الاحتلال "لا تملك الغالبية الساحقة منهم القدرة على الوصول إلى بقية أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة والعالم الخارجي".

 

وأضاف أن ذلك "يحد من إمكانية الحصول على العلاج الطبي الذي لا يتوفر في غزة ومؤسسات التعليم العالي والتمتع بالحياة الأسرية والاجتماعية والعثور على فرص العمل والفرص الاقتصادية".

 

ويؤكد التقرير الدولي أنه كان للقيود، التي لا تزال “إسرائيل” تفرضها على الحركة منذ مطلع تسعينات القرن الماضي، وشدّدتها في 2007 “بحجة الدواعي الأمنية”، أثر عميق على الأحوال المعيشية فيها، حيث قوضت وحدة الأرض الفلسطينية المحتلة، ومزقت النسيج الاقتصادي والاجتماعي فيها.

 

المصدر/ الاستقلال - خالد اشتيوي