البنك الدولي: حرب أوكرانيا ستتسب في أكبر صدمة أسعار أسواق السلع الأساسية منذ نصف قرن | سمارت إندكس

أخبار

أخبار اقتصادية دولية

البنك الدولي: حرب أوكرانيا ستتسب في أكبر صدمة أسعار أسواق السلع الأساسية منذ نصف قرن



تسببت الحرب الروسية علي أوكرانيا في ارتفاع حاد في أسعار الطاقة والغذاء، وزاد ارتفاع الأسعار من الضغط التصاعدي على التضخم العالمي، الأمر الذي جعل كل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي يتوقعوا حدوث تباطؤ في النمو الاقتصادي العالمي هذا العام.

قال البنك الدولي في أحدث تقرير نصف سنوي لتوقعات السلع الأولية، إن الحرب الروسية في أوكرانيا أدت إلى أكبر ارتفاع في أسعار الطاقة منذ ما يقرب من 50 عام وأسعار المواد الغذائية بأكثر من 14 عام، مما تسبب في حدوث أكبر صدمة في أسواق السلع منذ عام 1973.

وقد أدى ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء إلى زيادة الضغط التصاعدي على مستويات التضخم العالمية المرتفعة بالفعل، مما يجعل مهمة البنوك المركزية لكبح جماح التضخم أكثر تعقيدًا مما كانت عليه قبل شهرين، ومن المتوقع أن يرفع البنك الاحتياطي الفيدرالي وغيره من البنوك المركزية أسعار الفائدة الرئيسية عدة مرات هذا العام وحده، وحذر محللون ومنظمات دولية كبرى من أن ذلك سيؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي في عام 2022 إلى جانب ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء، مما قد يعيق بدوره نمو الطلب العالمي على النفط.

ارتفاع أسعار الطاقة

قال البنك الدولي في تقريره إن الغزو الروسي لأوكرانيا يغير تدفقات تجارة الطاقة والاستهلاك والإنتاج، وتوقع حدوث أكبر صدمة للطاقة منذ السبعينيات من القرن الماضي والتي من المرجح أن تُبقي أسعار النفط والطاقة الأخرى مرتفعة لسنوات.

وأشار البنك إلى أنه "بينما من المتوقع على نطاق واسع أن تبلغ الأسعار ذروتها في عام 2022، فإنها ستظل أعلى بكثير من التوقعات السابقة"، ستعتمد آفاق أسواق السلع إلى حد كبير على مدة الحرب في أوكرانيا واضطرابات تدفقات وأسعار تداول السلع الأساسية ولكن تتمثل أحد المخاطر الرئيسية في أن أسعار السلع الأساسية يمكن أن تظل مرتفعة لفترة أطول.

 

كانت أسعار الطاقة في مارس 2022 أعلى مرتين مما كانت عليه في مارس 2021 بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، حيث شهدت أسعار الغاز والفحم أكبر الزيادات في الأسعار، ومن المتوقع أن يرتفع خام برنت هذا العام بنسبة 42% مقارنة بعام 2021 ليصل إلى 100 دولار للبرميل وهو أعلى مستوى سنوي منذ 2013،  ومن المتوقع أن ينخفض خام برنت إلى 92 دولار للبرميل في عام 2023، لكنه لا يزال أعلى بكثير من متوسطه لخمس سنوات البالغ 60 دولار للبرميل. 

أسعار المواد الغذائية ترتفع إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق

بالإضافة إلى ذلك، قال البنك الدولي إنه منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا ارتفعت أسعار المواد الغذائية، حيث تعد روسيا وأوكرانيا منتجين رئيسيين لكثير من الحبوب الغذائية والأسمدة التي تعتمد على الغاز الطبيعي كمدخل للإنتاج، وقال نائب رئيس البنك الدولي "إنديرميت جيل" بشكل عام هذه هي أكبر صدمة سلعية نشهدها منذ السبعينيات، كما كان الحال آنذاك، تفاقمت الصدمة بسبب زيادة القيود التجارية على الغذاء والوقود والأسمدة، وقد أعلنت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة في وقت سابق من شهر أبريل أن مؤشرها لأسعار المواد الغذائية ارتفع إلى مستوى قياسي في مارس وهو الأعلى مستوي منذ انشاء المنظمة في عام 1990 بمتوسط 159.3 نقطة، وبزيادة بنسبة 12.6% عن شهر فبراير، لقد أدى ارتفاع أسعار السلع إلى زيادة الضغوط التضخمية المرتفعة بالفعل في جميع أنحاء العالم.

ضغوط التضخم المتصاعدة تعقد الاستجابة

أدى ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء إلى زيادة الضغط التصاعدي على أسعار المستهلكين، ويواجه صانعو السياسات تحديًا متزايدًا لكبح جماح التضخم، الذي لم يكن ارتفاع مؤقت كما أصر الاقتصاديون في العام الماضي، وعلى ما يبدو أن مستويات التضخم المرتفعة قد تستمر لعدة سنوات.

وقال البنك الدولي "أدت الحرب أيضا إلى نمط تجاري أكثر تكلفة يمكن أن يديم التضخم، ومن المتوقع أن يتسبب هذا في تحول كبير في تجارة الطاقة"، وحذر صندوق النقد الدولي من أن "الارتفاع السريع في أسعار الطاقة والغذاء سيؤثر سلبا على صندوق النقد الدولي"، حيث ستؤدي الأضرار الاقتصادية الناجمة عن حرب أوكرانيا إلى تباطؤ حاد في النمو الاقتصادي العالمي في عام 2022 وزيادة التضخم، بما سيعوق الانتعاش الاقتصادي العالمي.

من المتوقع الآن أن يتباطأ النمو العالمي من 6.1% المقدرة في 2021 إلى 3.6% في 2022 و 2023، وقال صندوق النقد الدولي إن هاتين النقطتين المئويتين في 2022 و 2023 كانتا أقل بمقدار 0.8 و 0.2 نقطة مئوية على التوالي عن توقعات يناير.

وقال البنك الدولي إن ارتفاع أسعار الغذاء والوقود قد يضعف النمو الاقتصادي العالمي ويدعم النفور من المخاطرة في السوق ويدعم الذهب.

البنك الدولي يقول أن التأثير الاقتصادي للحرب على أوروبا الشرقية وآسيا قد يفوق تفشي كوفيد 19

قال البنك الدولي إن الاقتصاد الأوكراني سينكمش بنحو النصف هذا العام أو 45.1% بسبب تأثير الحرب، ويتوقع أن الخسائر الاقتصادية للغزو الروسي علي أوروبا الشرقية وأجزاء من آسيا ستتجاوز الخسائر الناجمة عن جائحة كوفيد -19، وأضاف البنك الدولي أن الصراع في أوكرانيا أدى إلى إغلاق نصف الشركات في البلاد وخفض الصادرات بدوره.

وقالت نائبة رئيس البنك الدولي "آنا بيردي" أن أوكرانيا بحاجة ماسة إلى دعم مالي واسع النطاق، وقد قدم البنك الدولي ما يقرب من مليار دولار من المساعدات حتى الآن إلى أوكرانيا، وتعهد بتقديم ملياري دولار أخرى في الأشهر المقبلة.

وأضاف البنك إن عمليات الشحن في أوكرانيا من البحر الأسود انقطع، مما قلل من صادرات الحبوب في البلاد بنحو 90 % ونصف إجمالي صادراتها، وتعد أوكرانيا هي أكبر مصدر لزيت عباد الشمس في العالم وقد أثر وقف الصادرات على أسعار الغذاء العالمية.

وقال البنك الدولي إن الحرب أوقفت النشاط الاقتصادي في كثير من أنحاء البلاد وعطلت عمليات الزراعة والحصاد، إن حجم الأزمة الإنسانية التي سببتها الحرب مذهل وقد وجه الغزو الروسي ضربة كبيرة للاقتصاد الأوكراني وألحق أضرارا جسيمة بالبنية التحتية.

وأشار البنك الدولي إلى أن تقدير الانكماش بنسبة 45.1% لا يشمل تأثير الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية، والتي ستزيد من إعاقة الإنتاج الاقتصادي في المستقبل.

روسيا في حالة ركود عميق

على الرغم من أن الاقتصاد الأوكراني كان الأكثر تضررًا في الحرب، يعتقد البنك الدولي أن الاقتصاد الروسي قد سقط أيضًا في ركود عميق بسبب العقوبات التي فرضتها الدول الغربية، تشمل العقوبات الغربية قطع العلاقات مع البنوك الروسية واستهداف السياسيين الروس وحظر واردات السلع الفاخرة والرحلات الجوية، ومن المتوقع أن ينكمش الاقتصاد الروسي بنسبة 11.2% في عام 2022 بسبب تأثير العقوبات.

بينما حظرت الولايات المتحدة واردات النفط والغاز الروسي لم يفعل الاتحاد الأوروبي ذلك، لأن ربع نفط الاتحاد الأوروبي و 40% من غازها الطبيعي يأتي من روسيا، وتواصل دول الاتحاد الأوروبي دفع ما يصل إلى 884 مليون دولار لموسكو يوميًا لفواتير الطاقة، والتي تقدر بنحو 40% من عائدات روسيا.

وكرر الرئيس الأوكراني "فولوديمير زيلينسكي" على ضرورة حظر النفط الروسي ومنع البنوك الروسية تمامًا من دخول النظام المالي الدولي، وقال زيلينسكي: "لا يزال بعض السياسيين غير قادرين على تحديد كيفية الحد من تدفق دولارات النفط والبترول إلى روسيا حتى لا يعرضوا اقتصاداتهم للخطر".

تأثير واسع

بالإضافة إلى روسيا وأوكرانيا، من المتوقع أيضًا أن تقع بيلاروسيا وجمهورية قيرغيزستان ومولدوفا وطاجيكستان في حالة ركود هذا العام، وفقًا للبنك الدولي، تم تخفيض توقعات النمو لجميع الاقتصادات بسبب الحرب، كما أن النمو في منطقة اليورو سيصبح أقل من المتوقع.

قالت "أسلي دميرجوك كونت" كبيرة الاقتصاديين في أوروبا وآسيا الوسطى بالبنك الدولي: "لقد أظهرت الحرب في أوكرانيا وتفشي كوفيد 19 مرة أخرى أن الأزمات يمكن أن تسبب أضرارًا اقتصادية واسعة النطاق وتقلل من دخل الفرد والتنمية على مر السنين".

الأوسمة

نسخ الرابط:

error: المحتوى محمي , لفتح الرابط في تاب جديد الرجاء الضغط عليه مع زر CTRL أو COMMAND