العولمة تغير قواعدها بالتوسع في تكتلات متشرذمة | سمارت إندكس

أخبار

أخبار اقتصادية دولية

العولمة تغير قواعدها بالتوسع في تكتلات متشرذمة



رام الله - سمارت اندكس
تسجل العولمة مجدداً انقساماً آخذاً في الظهور على الصعيدين الإقتصادي والجيوسياسي. ففي تقريرها السنوي الذي نشر امس، أشارت منظمة التجارة العالمية إلى أن تجارة السلع لا تنخفض في العالم ولكنها تزداد داخل الكتل الجيوسياسية المتنافسة. وبعبارة أخرى، إن العولمة لا تفقد أرضيتها، بل أصبحت مجزأة على نحو متزايد.

وأشارت حسابات منظمة التجارة العالمية إلى أن التجارة بين الكتلتين الجيوسياسيتين الرئيسيتين ــ اللتين تم تحديدهما استناداً إلى تقارب أصواتهما في جمعية الأمم المتحدة ــ كانت أبطأ بنسبة تتراوح بين 4% و 6% عما كانت عليه داخل هاتين الكتلتين وفقاً لصحيفة لو موند الفنرسية.

وتشير منظمة التجارة العالمية في تقريرها إلى أن "العلامات الأولى لإعادة تشكيل التجارة على أساس العلاقات الجيوسياسية ظهرت، مقابل حدوث عمليات نقل متزايدة بين البلدان الصديقة".

وفي عالم تبرز فيه الانقسامات الجيوسياسية، أصبح الاعتماد التجاري المتبادل يتراجع، وأدت التوترات بين الولايات المتحدة والصين إلى حرب تجارية، مع زيادة الرسوم الجمركية اعتبارا من عام 2018. وإن وصلت التجارة بين البلدين إلى مستوى قياسي قدره 690 مليار دولار في عام 2022، فإن حصة الصين من الواردات الأميركية انخفضت من 22 % إلى 17% بين عامي 2017 و2022.

التدابير الانتقامية

وفي أماكن أخرى من العالم، تضاعفت الإجراءات الانتقامية، مثل زيادة الرسوم الجمركية أو إدخال معايير فنية جديدة، في السنوات الأخيرة، حيث ارتفعت من 3 اجراءات في عام 2005 أو 2006، إلى مستوى غير مسبوق قدره 41 في عام 2021 وذلك تحت تأثير الأزمات الأخيرة.ودفعت جائحة كوفيد-19 والحرب في أوكرانيا بعض الدول إلى حظر صادراتها من الأدوية أو المنتجات الزراعية خوفا من نقصها.

 فهل هذه بداية تراجع العولمة؟ تظل منظمة التجارة العالمية حذرة، وتشير إلى أن حصة التجارة في الناتج المحلي الإجمالي العالمي ظلت راكدة لمدة خمسة عشر عاما تقريبا، بعد أن ارتفعت من 25% إلى 61% بين عامي 1970 و2007. وذلك لا يرجع إلى توقف تحرير التبادلات، بل بالأحرى إلى إعادة نشر سلاسل القيمة في جميع أنحاء العالم والتي وصلت إلى حدودها القصوى، وإلى إعادة تشكيل الاقتصاد العالمي. وتتناقص حصة الصناعة في الناتج المحلي الإجمالي العالمي على حساب الخدمات، التي هي أقل قابلية للنقل.

ولكن منظمة التجارة العالمية تحذر من تجزئة الاقتصاد العالمي، الأمر الذي من شأنه أن يجعل مواجهة "التحديات البيئية أكثر صعوبة". ووفقا للخبراء الاقتصاديين في المنظمة، إن الحدود المفتوحة تسهل تداول التكنولوجيات الخضراء وتساهم في خفض تكاليفها، وبالتالي في تحقيقها.

وتعتبر منظمة التجارة العالمية ان التجارة المفتوحة أيضاً، أفضل ضمان للأمن الاقتصادي، لأنها تسمح بامتصاص الصدمات من خلال تقديم العديد من الحلول البديلة. وحذرت نجوزي أوكونجو إيويالا، المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية، أخيرا من أن "تراجع الاندماج في الاقتصاد العالمي من شأنه أن يضحي بالتقدم الذي تم أحرازه مؤخرا في مجال التنمية ويعقد مكافحة الفقر".

 دعم الصناعات

في تقرير حديث، أعرب مجلس الأبحاث الأميركي المعني بالعلاقات الخارجية، عن قلقه بشأن السباق على الإعانات الذي بدأته الولايات المتحدة عبر قانون خفض التضخم، وقانون الرقائق والعلوم، ويليه الاتحاد الأوروبي بالخطة الصناعية للصفقة الخضراء، لدعم صناعاتهما. "هذا أمر مكلف للغاية بالنسبة للدول، في حين أن البلدان المحرومة لا تملك الوسائل اللازمة لمساعدة صناعاتها،" كما قال إينو ماناك، الباحث في مجلس الأبحاث الأميركي  .

 ولكن جميع  الإقتصاديين لا يشاركون هذا التخوف، وتوضح إيزابيل بنسيدون، نائبة مدير مركز الدراسات المستقبلية والمعلومات الدولية، أنه "لم تحدث ثورة صناعية دون دعم من الدولة، لأن هناك استثمارات محفوفة بالمخاطر للغاية بحيث لا يمكن دعمها من قبل القطاع الخاص، وأخرى لا تحظى بمدخول   كافٍ" كما هو الحال في البنية التحتية أو حماية التنوع البيولوجي. »

وتبرر الخبيرة الاقتصادية زيادة تدخل الدولة في السياق الحالي. “لقد علمتنا أزمة كوفيد أن التبعية يمكن أن تجعلنا عرضة للخطر، ولكن عندما يتعلق الأمر بالصناعة الخضراء، فإن العالم يعتمد على الصين، التي تستخدم التجارة كسلاح جيوسياسي". ووفقا لها، يمكن لخطط الدعم الضخمة من الدول الغنية أن تساعد الآخرين في تحول الطاقة عن طريق خفض تكلفة التقنيات الخضراء. ومن خلال دعم صناعة الألواح الكهروضوئية على نطاق واسع، ساهمت الصين في نشرها في جميع أنحاء العالم.

الأوسمة

نسخ الرابط:

error: المحتوى محمي , لفتح الرابط في تاب جديد الرجاء الضغط عليه مع زر CTRL أو COMMAND