غزة: القطاعات الاقتصادية تواجه صعوبة في التعافي بسبب استمرار التضييق الإسرائيلي | سمارت إندكس

أخبار

أخبار اقتصادية محلية

غزة: القطاعات الاقتصادية تواجه صعوبة في التعافي بسبب استمرار التضييق الإسرائيلي



رام الله - سمارت إندكس

تواجه القطاعات الاقتصادية المختلفة في قطاع غزة، والتي تعرضت لتدمير واسع وعنيف خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على القطاع، صعوبة كبيرة في التعافي بسبب استمرار الاحتلال الإسرائيلي فرض إجراءاته التعسفية، الرامية إلى تدمير وخنق ما تبقى من الاقتصاد، من خلال مواصلة إغلاق المعابر التجارية مع غزة، ووضع العديد من العقبات أمام البدء بعملية إعمار قطاع غزة، وتعويض أصحاب الممتلكات الاقتصادية المدمرة مادياً.
وشنت إسرائيل عدواناً مدمراً على قطاع غزة في 10 أيار/مايو الماضي، وتعمدت إسرائيل خلال الحرب وضع المنشآت الاقتصادية بما فيها قطاع التجارة والصناعة والزراعة والصيد ضمن دائرة أهدافها، وذلك للتغطية على فشلها الاستخباراتي خلال الحرب وتكريس الواقع الاقتصادي في القطاع، حيث دكت الصواريخ الإسرائيلية آلاف الدونمات الزراعية وأحرقت المئات منها بشكل كامل، كما استهدفت الطائرات عدداً كبيراً من المصانع العاملة، وتم تدمير 18 مصنعاً بشكل كامل وغالبية هذه المصانع توجد داخل المنطقة الصناعية شرق قطاع غزة. وقدرت وزارة الاقتصاد في غزة الخسائر التي لحقت بكبرى منشآت القطاع الاقتصادية، والتي أثبتت على مدار السنوات السابقة قدرتها في تلبية احتياجات السوق المحلي من المنتجات ذات الجودة العالية، نتيجة الحرب الإسرائيلية على غزة بصورة أولية بحوالي 30 مليون دولار، مشيرة إلى أن الأضرار الاقتصادية هي أعلى بكثير من الإحصاءات الأولية، والتي لم تأخذ في الحسبان الأضرار غير المباشرة على المنشآت الاقتصادية.
وتزامناً مع الجهود الدولية التي تسعى إلى تثبيت وقف إطلاق النار ورفع الحصار بشكل كامل عن قطاع غزة، تواصل إسرائيل شن عدوان اقتصادي آخر، حيث تواصل إغلاق كافة المعابر مع غزة وخاصة معبر كرم أبو سالم التجاري الوحيد منذ قرابة شهر ونصف، حيث تسبب هذا الإغلاق في تعميق الأزمة الاقتصادية والتسبب بخسائر مالية فادحة على التجار والمستوردين، ونتيجة لذلك طالب مسؤولون اقتصاديون وقانونيون المجتمع الدولي، بالضغط على سلطات الاحتلال لإدخال كل السلع والبضائع عبر معبر كرم أبو سالم جنوب شرق قطاع غزة، محذرين من أن استمرار تعنت الاحتلال يتسبب في نقص الاحتياجات الغذائية، ويفاقم أزمة الكهرباء، ويتسبب في تأخير استئناف المشاريع الإنشائية.
ويعتبر تأخير إعمار غزة بسبب وضع إسرائيل شروطاً تعجيزية أمام البدء بعملية الإعمار تكريساً للواقع الاقتصادي المنهك، حيث ينتظر أصحاب المصانع والشركات التجارية المدمرة التعويضات المالية المقدمة من قبل الدول المانحة، وذلك لإعادة بناء ما تم تدميره والنهوض مجدداً، كما أن تدمير هذه القطاعات التجارية المختلفة زاد من معدل البطالة في صفوف الغزيين، بعد أن تم تسريح آلاف العمال قسراً من أماكن عملهم، بعد الدمار الذي أصاب المصانع والمنشآت التجارية وأغلقت أبوابها إثر ذلك.
وأكد رئيس اتحاد الصناعات المعدنية محمد المنسي في تصريحات صحافية، أن هناك 3000 آلاف عامل تم تسريحهم من العمل نتيجة قصف المنشآت الاقتصادية وتوقفها عن العمل، إضافة لإغلاق معبر كرم أبو سالم والذي لا يلبي بالأساس احتياجات قطاع غزة ومصانعها.
وأشار إلى أن أكثر من 20 مصنعاً تم تدميرها كلياً في المناطق الصناعية والتي تعتبر محمية وفق القانون الدولي، لكن الاحتلال استهدف المصانع دون تحذير ولم يتم استخراج المعدات من داخلها، لافتاً إلى أن الاحتلال يريد أن يحول سكان غزة إلى شعب مستهلك وغير منتج، داعياً الدول المانحة بالعمل على دعم القطاع وتحمل مسؤولياتهم في إعادة إعمار المنشآت الاقتصادية.
وقالت وزارة الزراعة في غزة إن المزارعين يتكبدون خسائر فادحة كل يوم، جراء منع سلطات الاحتلال منتجات قطاع غزة الزراعية من الوصول إلى أسواق الضفة الغربية والخارج، بسبب استمرار إغلاق الاحتلال معبر كرم أبو سالم التجاري مع غزة، فيما تتعمد الاحتلال استهداف القطاع الزراعي في غزة، بعد أن حقق على مدار الأعوام الماضية اكتفاء ذاتي ونقلة نوعية، وأوضحت الوزارة في تصريحات صحافية، أن الاحتلال كبد القطاع الزراعي خلال الحرب الأخيرة خسائر مالية فادحة، حيث وصلت قيمة الأضرار التي لحقت بالمنشآت الزراعية، ومصانع الأعلاف والآبار والخطوط الناقلة الرئيسية والفرعية، والبرك الزراعية ومحطات الاستزراع السمكي ومخازن المعدات الزراعية والمبيدات، إلى 200 مليون دولار. ويشتكي عدد من الصيادين وأصحاب مزارع تربية الأسماك من تكدس كميات كبيرة من الأسماك لديهم، بسبب صعوبة تسويقها إلى الخارج نتيجة استمرار الاحتلال إغلاق المعابر مع غزة، فالصيادون يقضون ساعات طويلة في عرض البحر كل ليلة، ويخرجون أنواعاً مختلفة من الأسماك البحرية لبيع وتسويق كامل صيدهم في الأسواق المحلية المنهكة بأسعار متدنية.

تصدير الأسماك

يقول المواطن ياسر الحاج صاحب أكبر مزرعة لتربية الأسماك غرب مدينة غزة، أن عملية تصدير الأسماك بالنسبة لأصحاب المزارع السمكية والصيادين بشكل عام مربحة بشكل كبير، فالسوق المحلي لا يمكن الاعتماد عليه فهو منهك بسبب الظروف الاقتصادية السيئة بفعل الحصار المفروض، كما أن الكساد الحاصل بعد الحرب حال دون تسويق الكميات الكبيرة من الأسماك سواء على الصعيد المحلي أو التصدير للخارج.
وأشار الحاج في حديثه لـ»القدس العربي» إلى أن داخل مزرعته أطنانا من أسماك الدنيس مجهزة للتسويق الخارجي، في حين «ننتظر بفارغ الصبر فتح الاحتلال معابر غزة لتسويق هذه الأسماك وتجنب تكبدنا خسائر إضافية» وبحسب المواطن الحاج فإن قطاع الثروة السمكية تكبد منذ بدء إغلاق المعابر مع غزة حتى الآن 12 مليون دولار، وسط مخاوف من تضاعف الخسائر بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية، واستمرار إسرائيل وضع العقبات أمام سير عجلة الاقتصاد والنهوض به مجدداً.
بدوره أكد الخبير الاقتصادي ماهر الطباع أن الواقع الاقتصادي في غزة يمر في أسوأ أحواله، وهناك صعوبة كبيرة جداً في إمكانية تعافي عدد كبير من القطاعات الصناعية قريباً، بسبب استمرار فرض إسرائيل الحصار على القطاع، ومنع إدخال كل الاحتياجات من السلع والبضائع والمواد التي يحظر إدخالها والهامة في العملية الإنتاجية.
وأوضح الطباع لـ»القدس العربي» أن «استمرار إغلاق معبر كرم أبو سالم التجاري، له تداعيات خطيرة على كافة القطاعات الاقتصادية، في حين تسبب الإغلاق في منع دخول ما يزيد عن 7000 شاحنة إلى قطاع غزة منذ بدء الحرب إلى هذا الوقت، وهذه الفترة كبدت التجار والمستوردين خسائر فادحة، نتيجة لتخزين بضائعهم في الموانئ والمخازن الإسرائيلية والمعرضة غالبيتها للفساد».
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن إغلاق المعابر، منع أيضاً من تصدير أكثر من 250 شاحنة محملة بالمنتجات الزراعية والصناعية، وهذا بدوره أدى إلى خسائر فادحة على المزارعين وأصحاب المصانع التجارية، وعكس ذلك سلباً على الواقع الاقتصادي في قطاع والذي يترنح على وقع الحرب الإسرائيلية.
ويترقب أصحاب المنشآت الاقتصادية المدمرة بفارغ الصبر، تقديم الدول المانحة الأموال المخصصة لإعادة إعمار غزة، حيث يتخوف رجال أعمال واقتصاديون وفي ظل التحديات والعقبات التي تواجه عملية البدء بالإعمار، أن يتسبب هذا التأخير في ضياع حقوق عدد من أصحاب القطاعات الاقتصادية المدمرة، كما حصل سابقاً في أعقاب الحرب الإسرائيلية الثالثة على غزة صيف 2014. كما أن الأرقام المالية التي تعهدت دول عربية وأوروبية تقديمها لإعادة الإعمار، لا يعرف بعد ما إذا كانت تلك الأموال كفيلة بإعادة الإعمار كاملاً والدفع بعجلة اقتصاد غزة إلى الأمام.
من جهته قال أستاذ العلوم الاقتصادية معين رجب إن أموال الإعمار التي رصد بعضاً منها، بإمكانها سد عجز كبير للضرر الحاصل في قطاع غزة بكافة أشكاله من البنية التحتية والقطاعات الاقتصادية المختلفة إذا لم يحصل اختلاس منها، في المقابل يتوجب على الدول المانحة، أن تدفع نحو إقامة مشاريع إغاثية، للحد من الانزلاق الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة في صفوف الغزيين.
وبين أن القطاعات الاقتصادية تعتبر من الأكثر تضرراً خلال الحرب الأخيرة على غزة، فالاحتلال الإسرائيلي يدرك أن الاقتصاد يشكل رافعة لكل مجتمع، ولذلك تعمد تدمير المنشآت الصناعية والتجارية، لإلحاق الخسائر الكبيرة وإيقاف عملية الإنتاج المحلي.
وأضاف رجب لـ»القدس العربي» أن «استمرار الاحتلال في إغلاق معبر كرم أبو سالم، يندرج في إطار سياسة الحصار الإسرائيلي المشدد على غزة، والذي كان سبباً رئيسياً في تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في القطاع، وحال ذلك دون تقدم أو تطور الاقتصاد، وترك آثاراً سلبية أصابت كافة القطاعات الاقتصادية».
وأكد على أن دور مصر الفاعل في قطاع غزة ساعد في تخفيف جزء من المعاناة، فمحاولات مصر تزويد غزة ببعض السلع المفقودة، إلى جانب استعداد شركات مصرية لتصدير المنتجات الزراعية من غزة للخارج عبر بوابة صلاح الدين التجارية مع مصر، وإعادة تفعيل نشاط بنوك مصرية في القطاع لتسهيل نقل الأموال، كلها مقدمات وخطوات تساعد الاقتصاد في التعافي جزئياً.

 

المصدر/ القدس العربي - اسماعيل عبدالهادي

الأوسمة

نسخ الرابط:

error: المحتوى محمي , لفتح الرابط في تاب جديد الرجاء الضغط عليه مع زر CTRL أو COMMAND