وطأة الانهيار الاقتصادي اللبناني أشد في الشمال .. الآلاف ينضمون إلى طوابير الفقراء | سمارت إندكس

أخبار

أخبار اقتصادية دولية

وطأة الانهيار الاقتصادي اللبناني أشد في الشمال .. الآلاف ينضمون إلى طوابير الفقراء



رام الله - سمارت إندكس

لم يعمل طه رز سوى ثلاثة أيام خلال أكثر من شهر في مخبزه في مدينة طرابلس اللبنانية في الشمال المهمل، حيث وطأة الانهيار الاقتصادي أشد منها في مناطق أخرى، ودفعت بآلاف أمثاله إلى براثن الفقر.
استطاع المخبز، شأنه شأن طرابلس نفسها، اجتياز مصاعب سابقة. غير أن أفران المخبز أصبحت باردة الآن ولا يوجد على الأرفف سوى جوالين من الطحين "الدقيق".
ويقول رز، أحد ضحايا الانهيار الاقتصادي في لبنان، "إن المخبز قلص عدد العاملين بشدة من 25 إلى اثنين، وإنه لم يعمل سوى ثلاثة أيام منذ عطلة عيد الفطر في منتصف أيار (مايو) كان آخرها خبز صينيتين من الحلويات قيمتهما 50 ألف ليرة لبنانية تعادل 3.30 دولار فقط بسعر السوق غير الرسمية".
وأكد رز "33 عاما"، الذي يعول ابنتيه وتنتظر زوجته أن تضع طفلها الثالث قريبا، أنه اعتاد العمل لكنه الآن يقترض لكي ينفق.
اعتاد المخبز شراء الطحين بالطن لكنه يشتري المستلزمات مثل السكر والسمن بأكياس صغيرة تحتوي على بضعة كيلو جرامات بعد أن تبخر الطلب على إنتاجه من الحلوى، وقلص الناس إنفاقهم ليقتصر على الضروريات فقط.
من جهته، قال بوجار هوشا مدير منظمة الإغاثة كير الدولية في لبنان "مع الأسف شمال لبنان تضرر أكثر بكثير من مناطق لبنان الأخرى. الوضع في غاية المأساوية".
وأضاف أن "أعدادا كبيرة من الأعمال أغلقت أبوابها وفقد من يعملون فيها وظائفهم".
وحتى بالنسبة إلى من لا يزالون يعملون أصبحت قيمة المرتبات بالدولار عشر ما كانت عليه في 2019 بينما يتوالى ارتفاع أسعار المواد الغذائية بلا هوادة.
وأوضح البنك الدولي أن الانهيار الاقتصادي في لبنان من أكثر الانهيارات التي شهدها العالم حدة في التاريخ الحديث.
وتقول حكومة تصريف الأعمال "إنها لم يعد في وسعها استخدام احتياطيات البلاد من العملة الأجنبية لدعم السلع الغذائية والوقود".
وتأمل الحكومة أن تقدم دعما ماليا للأسر الفقيرة في إطار خفض الدعم لكنها قد لا تملك الموارد الكافية أو السلطة السياسية لتحقيق ذلك.
وقال هوشا "إن نسبة من يعيشون في فقر ويحتاجون إلى المساعدات الغذائية قد تبلغ هذا العام 70 في المائة في مختلف أنحاء البلاد، بما يرغم جماعات الإغاثة على العمل بسرعة لإعادة توجيه عملياتها".
وأضاف "عندما دخلت "كير" الدولية لبنان، دخلنا فعليا لدعم اللاجئين السوريين".
وقال "إنه بعد أن ظلت المؤسسة على مدار عشرة أعوام تقدم المساعدة للسوريين رأت الأزمة اللبنانية تطل برأسها قبل عامين". وتابع "عدلنا إستراتيجياتنا وأعدنا توجيه مواردنا".
وأغلقت بعض محطات الوقود في لبنان أبوابها أمس بسبب عدم توافر مادة البنزين، بينما شهدت محطات أخرى اصطفاف المواطنين بسياراتهم في طوابير أمامها للحصول على حاجاتهم مما تبقى لديها من مخزون.
وقرر أصحاب المولدات الخاصة للكهرباء إطفاء مولداتهم في معظم المناطق اللبنانية لنحو ثماني ساعات في اليوم، بسبب نفاد مادة المازوت من خزانات المحطات.
وبلغت ساعات انقطاع التيار الكهربائي الذي تؤمنه مؤسسة كهرباء لبنان نحو 22 ساعة يوميا في معظم المناطق اللبنانية.
يأتي ذلك فيما قطع عدد من المواطنين أمس عددا من الطرقات في العاصمة بيروت وفي شمال وجنوب وشرق البلاد احتجاجا على تردي الأوضاع المعيشية.
وأعلن المحتجون أن "المواطن لا يستطيع شراء حاجياته اليومية من الدواء والحليب ويعاني الإذلال أمام محطات الوقود في ظل انعدام القدرة الشرائية"، ورددوا هتافات تطالب "برحيل السلطة".
وبسبب الأزمة المالية والاقتصادية تراجعت القدرة الشرائية للمواطنين، إضافة إلى تراجع قدرة مصرف لبنان على تلبية قرار الحكومة بدعم الأدوية والمواد الأساسية المدرجة على لوائح الدعم، ما أدى إلى انخفاض مخزون المحروقات والأدوية وحليب الأطفال في الصيدليات وفقدان بعض الأدوية وتراجع مخزون المستلزمات الطبية في المستشفيات، وفقدان المواد الغذائية المدعومة.
وقال مصرف لبنان المركزي أمس "إنه سيفتح خطوط ائتمان لاستيراد الوقود عند 3900 ليرة للدولار"، وهو سعر أضعف من المعروض في السابق يرفع فعليا التكاليف على عامة اللبنانيين وسط أزمة اقتصادية خانقة.
وبحسب "رويترز"، فإنه في إطار برنامج الدعم، كان المصرف المركزي يستخدم 1500 ليرة للدولار، وهو السعر الرسمي المستخدم لجميع المعاملات، إلى أن أدت الأزمة التي اندلعت في أواخر عام 2019 إلى انهيار العملة. ويتجاوز سعر الليرة في السوق حاليا 17 ألفا مقابل الدولار.
وافق رئيس حكومة تصريف الأعمال الجمعة الماضي على اقتراح لتمويل الواردات بالسعر الجديد وسط تفاقم نقص الوقود.
ويشهد لبنان مخاض أزمة مالية عميقة وصفها البنك الدولي بأنها واحدة من أسوأ حالات الكساد في العصر الحديث. وبدأت سلع أساسية مثل الأدوية والوقود في النفاد مع توقف التمويل.
واضطر سائقو المركبات في الأسابيع القليلة الماضية إلى الوقوف في طوابير لساعات في محطات الوقود للحصول بالكاد على ما يكفيهم من وقود، ما أدى إلى أعمال عنف تضمنت إطلاق أعيرة نارية في بعض الحالات.
ومن المتوقع أن يؤدي سعر الصرف الأضعف، الذي سيقلل بشكل فعال من دعم الوقود، إلى رفع سعر البنزين للمستهلكين، لكنه سيمكن الحكومة من توفير الوقود لفترة زمنية أطول.

الأوسمة

نسخ الرابط:

error: المحتوى محمي , لفتح الرابط في تاب جديد الرجاء الضغط عليه مع زر CTRL أو COMMAND